أفلام الصدمة والأزمات في السينما الإسرائيلية | آراء

0

[ad_1]

تقدم رئيسة وزراء إسرائيل غولدا مائير الحساء إلى وزير الخارجية الأميركي هنري كيسنجر وهما يجلسان على طاولة في المطبخ. تذكِّره مائير بأصوله اليهودية ومسؤوليته تجاه الشعب اليهودي، فيرد عليها قائلا إنه مواطن أميركي أولا ثم وزير خارجية ثانيا ويهودي ثالثا، فترد عليه سريعا بأنهم في إسرائيل يقرؤون من اليمين إلى اليسار.

وتستمر الحوارات والنقاشات بين مائير وكيسنجر، ويختلط فيها ما هو سياسي وعسكري بما هو شخصي وإنساني إبان حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 في فيلم “غولدا” للمخرج الإسرائيلي غاي ناتيف، إنتاج عام 2023.

الفيلم عُرض بافتتاح مهرجان القدس السينمائي الذي أقيم مؤخرا في دورته لهذا العام 2023، وهو إنتاج أميركي بريطاني، ويقدم رواية سياسية وتاريخية جديدة تنضم لسلسلة الأفلام التي تناولت الأحداث السياسية والعسكرية المفصلية في تاريخ إسرائيل. ولا يقدم سيرة ذاتية لهذه السياسية العمالية (مائير) بقدر ما يركز تحديدا وبشكل حصري على دورها في حرب أكتوبر.

والجديد في هذا الفيلم أنه يأتي بالتزامن مع حدثين كبيرين في إسرائيل أولهما الأزمة السياسية التي تموج بها من مظاهرات وغضب عارم بسبب قانون الإصلاحات القضائية، وثانيا هو الذكرى الخمسين لحرب أكتوبر التي تحل ذكراها بعد أشهر قليلة.

وقد حاولت الممثلة البريطانية هيلين ميرين، التي قامت بدور مائير، أن تواكب حالة الحشد والغليان الشعبي في إسرائيل وأطلقت عدة تصريحات تتضامن فيها مع المحتجين قائلة إن مشروع القانون الإسرائيلي إنكار للقيم وتبدل تام ويمهد لصناعة الدكتاتورية.

ولم تكتف ميرين بهذا، وإنما تقمصت أيضا شخصية مائير في الواقع معتبرة أن مثل هذه الخطوة الحكومية الإسرائيلية تنكر لميراث مائير التي دافعت عن المثاليات، على حد زعمها. الأمر ذاته فعله المخرج، واستدعى مواقف مائير قائلا إنها لو كانت على قيد الحياة ورأت ما يحدث لعادت للقبر.

رغم شهرة الممثلة البريطانية والمخرج، وكلاهما حائز على جائزة الأوسكار، فإن الفيلم لم يلق ترحيبا لدى النقاد الغربيين والإسرائيليين. وبدأ الجدل فور الإعلان عن تصويره واستنكار عدم قيام ممثلة يهودية بدور مائير. وبذلك اهتزت رمزية ميرين التي ارتبطت في أذهان المشاهدين بالملكة البريطانية إليزابيث الثانية حيث جسدت دورها سابقا بفيلم الملكة الشهير للمخرج البريطاني ستيفن فريزر وإنتاج عام 2006، وكان من الممكن أن تحمل معها الرمزية ذاتها في هذا الفيلم لتضفي على مائير هالة الهيبة الملكية في أذهان المشاهدين.

الممثلة Helen Mirren في فيلم the Queen
ميرين في فيلم “الملكة” (الجزيرة)

الاستقبال الفاتر للفيلم حتى الآن قد ينعكس على الإقبال الجماهيري عليه، بعد أن يقدم في دور العرض الإسرائيلية وحول العالم بعد أشهر قليلة. ومن غير الواضح مدى نجاح القائمين عليه في أن يتمكنوا من استغلال الوضع السياسي الحالي لصالحهم من أجل ترميز مائير كنقيض تاريخي لمسار رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو.

شعور الصدمة في السينما الإسرائيلية

ينتمي فيلم “غولدا” إلى سينما ما بعد حرب أكتوبر، وهي أفلام تختلف في خصائصها عن تلك التي أُنتجت قبل الحرب. فهناك تقسيم متعارف عليه للسينما الإسرائيلية إلى مرحلتين:

إحداهما قبل حرب أكتوبر والتي كانت تجنح نحو التفاخر بالقدرات العسكرية الإسرائيلية خاصة بعد هزيمة العرب عام 1967، والثانية بعد حرب أكتوبر وهي تميل إلى القصص الإنسانية والرمزية واستجلاب التعاطف بعيدا عن روح النصر والفخر مثل فيلم “يوم القيامة” للمخرج الإسرائيلي من أصول عراقية جورج أوفاديا إنتاج عام 1974، والذي يعرض لقصة مدير فندق إسرائيلي ترك زوجته وأولاده وهاجر إلى الولايات المتحدة، ثم عاد ليشارك في الحرب ويصاب بجروح ويحتاج إلى نقل دم توفره له ابنته المتطوعة في المستشفى.

ومن المثير للانتباه أن أفلام المرحلة الثانية أقل بكثير من المرحلة الأولى رغم مرور نصف قرن الآن على اندلاع هذه الحرب. ويعزو النقاد الإسرائيليون هذا إلى شعور الصدمة الوطنية الذي لا يزال يرافق الإسرائيليين عند ذكر كل ما يتعلق بحرب أكتوبر، ومن ذلك الإنتاج السينمائي. وهو شعور مناقض للرواية السياسية والعسكرية لإسرائيل التي ترى أنها قد انتصرت عسكريا وسياسيا في حرب 1973، ولكنه انتصار باهظ الثمن خلَّف مئات القتلى والآلاف من الجرحى، واستدعى تحقيقا موسعا عرف باسم لجنة أغرانات والتي مثلت أمامها مائير، وقد تناولها الفيلم.

ومن هنا يمكن وضع فيلم “غولدا” كأحد أفلام الهزيمة الإسرائيلية. والهزيمة هنا ليست بالمعنى السياسي أو العسكري بقدر ما هو تعبير وصفي لحالة الإنتاج السينمائي المرتبك الذي يعزوه الإسرائيليون للصدمة، وهو مناقض لحالة الإنتاج السينمائي المعبر عن النصر والفخر. والحديث هنا محصور في الأفلام التي تتناول الصدمات والحروب الإسرائيلية فقط، من دون التوسع في بقية الأفلام الإسرائيلية.

صورة للممثلة هيلين ميرين في دور غولدا مائير في فيلم غودا .. للمخرج الإسرائيلي غاي ناتيف إنتاج عام 2023
فيلم “غولدا” للمخرج الإسرائيلي غاي ناتيف إنتاج عام 2023 (الجزيرة)

ورسالة الفيلم الملتبسة يفسرها كتاب “السينما الإسرائيلية المعاصرة.. الصدمة والأخلاق والزمان” الصادر هذا العام في بريطانيا للبروفيسور الإسرائيلي راز يوسف الذي يرى أن هناك تراكما للصدمات في نفسية الإسرائيليين بسبب الحروب المتوالية وبسبب الهولوكوست أيضا.

وهذه الصدمات -من وجهة نظر الكاتب- منفصلة عن الذاكرة الوطنية الجماعية، ولا تجد سبيلا للتعبير عنها سوى عبر الإطار الشخصي والذاتي، ولهذا مثلت السينما المتنفس الذي تخرج فيه هذه الصدمات.

وضرب الكاتب مثالا بحرب إسرائيل في لبنان، وكيف تجلت مشاعر الصدمة في فيلم “فالس مع بشير” من سيناريو وإخراج الإسرائيلي آري فولمان وإنتاج عام 2008، وهو مأخوذ عن كتاب “فالس مع بشير.. قصة لبنان”. وفيه يروي فولمان سردية درامية متقاطعة مع سيرته الذاتية والتي تعبر عن نظرة الجنود الإسرائيليين لمذبحة صبرا وشاتيلا، وكيف أنها سببت لهم صدمة لم يتجاوزوها بعد أكثر من ربع قرن على وقوعها، كما ينتقد قرار القيادة الإسرائيلية اجتياح بيروت ومحاصرة المخيمات.

[ad_2]

Source link

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وتوفير ميزات الوسائط الاجتماعية، وتحليل حركة المرور لدينا. نشارك أيضًا المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا في وسائل التواصل الاجتماعي والإعلان والتحليلات. View more
Cookies settings
Accept
Decline
Privacy & Cookie policy
Privacy & Cookies policy
Cookie name Active
 

ملفات الدخول:

شأنها في ذلك شأن معظم خوادم المواقع الأخرى ، ومن هنا فإن موقع رقمياتhttps://raqmeyat.com/ يستخدم نظام ملفات الدخول ، وهذا يشمل بروتوكول الانترنت (عناوين ، نوع المتصفح ، مزود خدمة الانترنت "مقدمي خدمات الانترنت" ،  التاريخ / الوقت ، وعدد النقرات لتحليل الاتجاهات).
من خلال هذه العملية لا يقصد بذلك جمع كل هذه المعلومات في سبيل التلصص على أمور الزوار الشخصية ، وإنما هي أمور تحليلية لأغراض تحسين جودة الإعلانات من قبل Google ، ويضاف إلى ذلك أن جميع هذه المعلومات المحفوظة من قبلنا سرية تماما، وتبقى ضمن نطاق التطوير والتحسين الخاص بموقعنا فقط.

الكوكيز وإعدادات الشبكة:

إن شركة Google تستخدم تقنية الكوكيز لتخزين المعلومات عن إهتمامات الزوار، إلى جانب سجل خاص للمستخدم تسجل فيه معلومات محددة عن الصفحات التي تم الوصول إليها أو زيارتها، وبهذه الخطوة فإننا نعرف مدى اهتمامات الزوار وأي المواضيع الأكثر تفضيلا من قبلهم حتى نستطيع بدورنا تطوير محتوانا الخدمي والمعرفي المناسب لهم.
نضيف إلى ذلك أن بعض الشركات التي تعلن في رقميات قد تتطلع على الكوكيز وإعدادات الشبكة الخاصة بموقعنا وبكم ، ومن هذه الشركات مثلاً شركة Google وبرنامجها الإعلاني Google AdSense وهي شركة الإعلانات الأولى في موقعنا.
وبالطبع فمثل هذه الشركات المعلنة والتي تعتبر الطرف الثالث في سياسة الخصوصية فهي تتابع مثل هذه البيانات والإحصائيات عبر بروتوكولات الانترنت لأغراض تحسين جودة إعلاناتها وقياس مدى فعاليتها.
كما أن هذه الشركات بموجب الاتفاقيات المبرمة معنا يحق لها استخدام وسائل تقنية مثل ( الكوكيز ، و إعدادات الشبكة ، و أكواد برمجية خاصة "جافا سكربت" ) لنفس الأغراض المذكورة أعلاه والتي تتلخص في تطوير المحتوى الإعلاني لهذه الشركات وقياس مدى فاعلية هذه الإعلانات ، من دون أي أهداف أخرى قد تضر بشكل أو بآخر على زوار موقعنا.
وبالطبع فإن موقع رقميات لا يستطيع الوصول أو السيطرة على هذه الملفات، وحتى بعد سماحك وتفعيلك لأخذها من جهازك (الكوكيز) ، كما أننا غير مسؤولين بأي شكل من الأشكال عن الاستخدام غير الشرعي لها إن حصل ذلك .
عليك مراجعة سياسة الخصوصية الخاصة بالطرف الثالث في هذه الوثيقة  ( الشركات المعلنة مثل Google AdSense ) أو خوادم الشبكات الإعلانية لمزيد من المعلومات عن ممارساتها وأنشطتها المختلفة .
لمراجعة سياسة الخصوصية للبرنامج الإعلاني Google AdSense والتابع لشركة Google يرجى النقر هنا
يُمكن جمع البيانات لتجديد النشاط التسويقي على الشبكة الإعلانية وشبكة البحث عبر  سياسة الإعلانات التي تستهدف الاهتمامات والمواقع الخاصة بالزوار ، ويمكن تعطيل هذه الخاصية من هنا.
وأخيرا .. نحن ملزمون ضمن بنود هذه الاتفاقية بان نبين لك كيفية تعطيل خاصية الكوكيز ، حيث يمكنك فعل ذلك من خلال خيارات المتصفح الخاص بك، أو من خلال متابعة  سياسة الخصوصية الخاصة بإعلانات Google وشبكة المحتوى .
إذا كنت بحاجة إلى مزيد من المعلومات أو لديك أية أسئله عن سياسة الخصوصية ، لا تتردد في الاتصال بنا عن طريق نموذج الإتصال ، بالدخول إلى تبويب اتصل بنا.
بنود هذه السياسة قابلة للتطوير والتغيير في محتواها في أي وقت نراه ضرورياً .
Save settings
Cookies settings