“عيون الغرقى” لحسين جلعاد.. ألم العبور في الزمان والمكان والوعي | ثقافة

0

[ad_1]

وقّع الشاعر والصحفي الأردني حسين جلعاد أمس الاثنين مجموعته القصصية “عيون الغرقى” في المكتبة الوطنية بالعاصمة الأردنية عمّان، وربما ليست مصادفة أن يتضمن عنوان النص الأول “أسرار معلنة.. رجع أيلول”، مما يعني صدى الشهر التاسع سبتمبر/أيلول، بما يشير إلى تلك المرحلة الانتقالية بين الصيف والخريف، وفي معناه الأبعد ذلك التحول في الزمان والمكان والوعي.

هذه التحولات ليست سهلة، بل تعكس تخبط الشخصيات الحاضرة في المجموعة التي تروي القسوة في اكتشاف الواقع والتكيف معه أو مقاومته، وكذلك الألم في استيعاب ما يحدث من انتقالات وتبدلات.

وترسم القصص الأولى حكايات أطفال ومراهقين وشباب في مقتبل العمر، وهم يعيشون في المدينة التي تقترب في كثير من أوصافها من إربد، كما تتسم هذه الشخصيات برومانسيتها وجموحها وحماستها وتمردها.

يقول حسين في المجموعة “وكنت غافلا حينها عما يدور حولك وفوقك، كانت السماء عابسة، والإخوة في الغابات يقتتلون، وكان يمكن أيضا أن يصلك شواظ فتغادر العالم مبكرا، لكنك كنت غافلا عن كل ذلك تلهو بالأرض وتلتهم الأتربة والحصى الناعمة، من قال إذن إن الطفل لا يتذكر؟ وهو الذي يعي العالم منذ القبلة الأولى لرجل وامرأة يولمان لولد سيأتي ليحمل اسم السلالة ويقود القطيع”.

قصص مرتبة موسيقيا

يتواصل السرد في هذا النص حول ذلك الطفل الذي يلهو ويطيّر طائرته الشراعية ويلتقط نداءات الحب الأولى ويعبث بالأشياء من حوله ببراءة، لكن الكاتب يكثف بعد ذلك التحول بالحديث عن انتقاله المبكر نحو الرجولة وأن العالم ليس هو الذي حفظه ذلك الطفل في الأناشيد الصباحية، ثمة مشهد أول حول ذلك العبور بما يكثفه من مشاعر الفقد والخسارات وصدمة مردها ذلك الزيف والبؤس لدى الكبار.

وفي قصة “الإسفلت والمطر” سيحدث ذاك العبور على نحو مختلف قليلا لكن يكرس الصورة الأساسية نفسها، حيث تعرّف الولد الصغير -الذي يعمل بائعا متجولا- حين تسلق سور الجامعة ورأى بعض الطلبة يغنون ويهتفون بمناسبة يوم الأرض، الكلمات التي سمعها لأول مرة “الأرض” و”الدم” و”الشهداء” أشعرته بالقشعريرة والخوف اللذين سيلازمانه وهو يهرب باتجاه بوابة الجامعة، فيما المظاهرات وراءه تصدح بالهتافات.

حفل توقيع مجموعة “عيون الغرقى” القصصية في المكتبة الوطنية بالعاصمة الأردنية عمّان (الجزيرة)

ويرى أستاذ الأدب والنقد العربي محمد عبيد الله أن المؤلف نظم فهرست القصص بمحاكاة أبجدية السلّم الموسيقي، ليوحي للقارئ بترابط القصص وبما بينها من صلات مهما بدا أنها مختلفة في ظاهرها، إلى جانب ما يوحي به السلّم من تصاعد وتنويع، ومن علاقة الكتابة بالموسيقى وبالشعر.

وأضاف عبيد الله أن “كل قصة هي درجة أو مرحلة من مراحل ذلك السلّم، أي أن هذا الاختيار يوجهنا لنقرأ القصص في هيئة سلّم سردي تقوم كل مفردة فيه بدور من الأدوار وتملأ فراغا زمنيا محددا، ومن جهة أخرى تعد هذه البادرة محاولة لخلق مناخ موحد يتجاوز القصص المتجاورة أو المتجمعة إلى صورة سردية أكثر وحدة وترابطا”.

ويشير عبيد الله إلى أن مناخات القصص وأجواءها تعيدنا من خلال ذاكرة شخصياتها إلى أجواء تسعينيات القرن الماضي، النصف الأول من التسعينيات بوجه خاص، فكل ما فيها يعيدنا إلى ذلك المناخ المفخخ بالاحتمالات والتحولات، نهاية حقبة وبدء أخرى، ثمة خيوط سيرية (من السيرة الذاتية) تبرز فيها الأبعاد الذاتية والغنائية لهذه القصص، ولكنها نتف وخيوط متقطعة لا تتكامل ولا تتآزر لتكوين سيرة مكتملة أو وافية، وتستفيد من تقنيات القصة التي تميل إلى الاجتزاء وإلى الكثافة شأنها في هذا شأن السيرة الشعرية المتقطعة، إنها سيرة لأنها تحيل إلى الذات، ولكنها تنتقي ما يعنيها من تفاصيل وأحداث هامشية وخاصة، لكنها مؤثرة من منظور الشخصيات ومنظور المؤلف.

عوالم داخلية

في النصوص اللاحقة مثل “المساء يطير غربا” سنلحظ حدة العبور والتحول حيث تضيء أكثر صورة المثقف المكتئب والمحبط وكأنها تمثل حالة النضج التي وصل إليها ذاك الطفل، حيث يأتي في مقطع من القصة “بارع أنت في استشراف الأبعاد النفسية لطبيعة الوجوه البشرية، لا ترى من “جمالهم” إلا مقدار ما فعل الزمكان بعوالمهم الداخلية فهذبها وأكسبها بعدا إنسانيا، أو ربما حطمها فأكسبها مأساوية”.

سنجد في قصة “الخريف والشبابيك القديمة” حالات أكثر حدة وعمقا لهذا المثقف، كما ستنتقل شخصية “عدنان” من المدينة التي شهدت صباه إلى تلك المدينة التي تقترب أوصافها من عمّان التي “تخذلها بالضجيج والأقنعة المستعارة” بوحشتها وبراعاتها على تخريب الناس والعلاقات بينهم، وسيحاصرها الحنين من جهة وتهمين عليها نزعة تأملية تشاؤمية من جهة أخرى.

تتلخص حالة العبور من الطفولة والرومانسية والبراءة والجموح إلى النضج وعالم الكبار، ومن الريف وإربد إلى العاصمة عمّان، ومن الطالب في بداياته إلى المثقف بما يمتلك من تصورات ومقولات ناجزة، بما يكتبه جلعاد في القصة نفسها: في الزمان الجميل كان عدنان أيوب يرى أن الطيور هي الإنسان عاشقا، وفي ما بعد أصبح الطيران يعني له أكثر من ذلك، إنه الخلاص العظيم، لكنه في الآونة الأخيرة صار يتجنب الأماكن العالية ليس لأنه عال بما يكفي، وإنما خوفا من أن يرمي نفسه في أي لحظة.

[ad_2]

Source link

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وتوفير ميزات الوسائط الاجتماعية، وتحليل حركة المرور لدينا. نشارك أيضًا المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا في وسائل التواصل الاجتماعي والإعلان والتحليلات. View more
Cookies settings
Accept
Decline
Privacy & Cookie policy
Privacy & Cookies policy
Cookie name Active
 

ملفات الدخول:

شأنها في ذلك شأن معظم خوادم المواقع الأخرى ، ومن هنا فإن موقع رقمياتhttps://raqmeyat.com/ يستخدم نظام ملفات الدخول ، وهذا يشمل بروتوكول الانترنت (عناوين ، نوع المتصفح ، مزود خدمة الانترنت "مقدمي خدمات الانترنت" ،  التاريخ / الوقت ، وعدد النقرات لتحليل الاتجاهات).
من خلال هذه العملية لا يقصد بذلك جمع كل هذه المعلومات في سبيل التلصص على أمور الزوار الشخصية ، وإنما هي أمور تحليلية لأغراض تحسين جودة الإعلانات من قبل Google ، ويضاف إلى ذلك أن جميع هذه المعلومات المحفوظة من قبلنا سرية تماما، وتبقى ضمن نطاق التطوير والتحسين الخاص بموقعنا فقط.

الكوكيز وإعدادات الشبكة:

إن شركة Google تستخدم تقنية الكوكيز لتخزين المعلومات عن إهتمامات الزوار، إلى جانب سجل خاص للمستخدم تسجل فيه معلومات محددة عن الصفحات التي تم الوصول إليها أو زيارتها، وبهذه الخطوة فإننا نعرف مدى اهتمامات الزوار وأي المواضيع الأكثر تفضيلا من قبلهم حتى نستطيع بدورنا تطوير محتوانا الخدمي والمعرفي المناسب لهم.
نضيف إلى ذلك أن بعض الشركات التي تعلن في رقميات قد تتطلع على الكوكيز وإعدادات الشبكة الخاصة بموقعنا وبكم ، ومن هذه الشركات مثلاً شركة Google وبرنامجها الإعلاني Google AdSense وهي شركة الإعلانات الأولى في موقعنا.
وبالطبع فمثل هذه الشركات المعلنة والتي تعتبر الطرف الثالث في سياسة الخصوصية فهي تتابع مثل هذه البيانات والإحصائيات عبر بروتوكولات الانترنت لأغراض تحسين جودة إعلاناتها وقياس مدى فعاليتها.
كما أن هذه الشركات بموجب الاتفاقيات المبرمة معنا يحق لها استخدام وسائل تقنية مثل ( الكوكيز ، و إعدادات الشبكة ، و أكواد برمجية خاصة "جافا سكربت" ) لنفس الأغراض المذكورة أعلاه والتي تتلخص في تطوير المحتوى الإعلاني لهذه الشركات وقياس مدى فاعلية هذه الإعلانات ، من دون أي أهداف أخرى قد تضر بشكل أو بآخر على زوار موقعنا.
وبالطبع فإن موقع رقميات لا يستطيع الوصول أو السيطرة على هذه الملفات، وحتى بعد سماحك وتفعيلك لأخذها من جهازك (الكوكيز) ، كما أننا غير مسؤولين بأي شكل من الأشكال عن الاستخدام غير الشرعي لها إن حصل ذلك .
عليك مراجعة سياسة الخصوصية الخاصة بالطرف الثالث في هذه الوثيقة  ( الشركات المعلنة مثل Google AdSense ) أو خوادم الشبكات الإعلانية لمزيد من المعلومات عن ممارساتها وأنشطتها المختلفة .
لمراجعة سياسة الخصوصية للبرنامج الإعلاني Google AdSense والتابع لشركة Google يرجى النقر هنا
يُمكن جمع البيانات لتجديد النشاط التسويقي على الشبكة الإعلانية وشبكة البحث عبر  سياسة الإعلانات التي تستهدف الاهتمامات والمواقع الخاصة بالزوار ، ويمكن تعطيل هذه الخاصية من هنا.
وأخيرا .. نحن ملزمون ضمن بنود هذه الاتفاقية بان نبين لك كيفية تعطيل خاصية الكوكيز ، حيث يمكنك فعل ذلك من خلال خيارات المتصفح الخاص بك، أو من خلال متابعة  سياسة الخصوصية الخاصة بإعلانات Google وشبكة المحتوى .
إذا كنت بحاجة إلى مزيد من المعلومات أو لديك أية أسئله عن سياسة الخصوصية ، لا تتردد في الاتصال بنا عن طريق نموذج الإتصال ، بالدخول إلى تبويب اتصل بنا.
بنود هذه السياسة قابلة للتطوير والتغيير في محتواها في أي وقت نراه ضرورياً .
Save settings
Cookies settings